الرئيسية 8 حقيبة بوسعادة السعيدة 8 تاريخ وحضارة 8 عرش أولاد سيدي عامر والثورة الجزائرية

عرش أولاد سيدي عامر والثورة الجزائرية

عرش أولاد سيدي عامر والثورة الجزائرية ..

الثورة الجزائرية المصادفة للفاتح من نوفمبر 1954 كحدث وطني قد شارك فيها جميع فئات الشعب الجزائري وفي مختلف المناطق وبدرجات متفاوتة….وعرش أولاد سيدي عامر كمكون أساسي من مكونات المنطقة الكبرى لأعراش أولاد نائل والممتدة مضاربه بين سيدي عامر وتامسة وبوسعادة ومختلف الضواحي والقرى والدواوير والتجمعات السكانية مع وجود ساكنين فاعلين في فترة الثورة الجزائرية ببعض أقاليم التل الجزائري من بينها العاصمة …قد كان أبنائه سباقين في الالتحاق بالثورة واحتضان الثوار انطلاقا من انتمائهم الوطني الجزائري و اعتمادا على القيم التي كانوا مشبعين بها والتي غذتها إيجابيا أنفتهم القبلية وروابطهم الاجتماعية وسبق ابائهم وأجدادهم في المقاومات الأولى للإحتلال من الأمير عبد القادر إلى المقراني وغيرها(1) …وقد لمعت أسماء لشهداء من أبناء هذا العرش الكريم خلال الثورة التحريرية منهم من سقط شهيدا في تراب المنطقة كالشهيد “مرزوق دحمان” ومنهم من استشهد خارجها كالشهيد “بوزيدي رابح” المدفون في جبال تابلاط مدافعا عن شعبه ووطنه (2).
كما لمعت أسماء لمجاهدين وفدائيين ومسبلين قدموا النفس والنفيس من أجل هذا الوطن فالعمليات الفدائية للمجاهد البطل المرحوم “علي جفال” في بوسعادة مازالت تتناقلها الألسن في احيائها العتيقة بأولاد احميدة والموامين حيث كان يروع جنود الاحتلال والكولون واليهود وأزلامهم ونشاط المجاهد المرحوم “عمران عبد القادر” المدعو زين الطلة والذي كان مرافقا لشاعر الثورة مفدي زكريا في سجنه بلامبيز حتى كان يداعبه زكريا بقوله المشهود “زين الطلة وعيد علينا لخبار”…وقائمة المجاهدين طويلة لا يسعها مقامنا ولكن تسعها سجلات هذا العرش المقاوم فالمجاهد المثقف “عزوق ابراهيم” وصديقه الحاج “بوزيان غربي” الذي قضى اكثر من 3 سنوات في سجون الاحتلال الفرنسي بين لامبيز وفرنسا…والقائمة طويلة للمجاهدين الذين نعرفهم والذين لم نعرفهم حيث امتنع الكثير منهم عن التسجيل في قوائم الهيئة الوصية إمعانا في كون الأمر في سبيل الله والوطن ولا يحتاج لأجرة أو ظهور(3).
ولقد شهد تراب العرش معارك ضارية ضد قوات الاستعمار كانت شاهدة على احتضان أبناء المنطقة للثوار ودعمهم وإسنادهم لهم وتعد معركة زمرة الكبرى أكبر دليل على ذلك (4) كما احتضنت زاوية سي المسعود ببلعروق الثوار الذين كانوا يلجأون إليها وإلى شيخها سي المسعود قادمين من جبال السحاري المتاخمة لها.
وتحمس أولاد عامر للثورة وإلتحاقهم بها لم يكن بأقل من تحمسهم للذي كان ولا يزال رغم كل ما قيل ويقال أبا للحركة الوطنية الجزائرية “مصالي الحاج” وهنا وقع اللبس في انخداع بعض أبناء هذا العرش الكريم وغيرهم الاف من أبناء المنطقة الممتدة من الجلفة ودار الشيوخ “حوش النعاس ” جنوبا مرورا ببوسعادة إلى حدود الولايتين الرابعة والسادسة شمالا… ببعض الميليشيات المسلحة التي استعملت اسم مصالي الحاج (5) لتفرض قوتها ومنطقها على أبناء المنطقة فكان أولاد عامر هم الأوائل من ضحايا جبروت وتسلط تلك المليشيات الغريبة على المنطقة قادة وجنودا(6) فاكتوى بنارها أبناء العرش المنتمون لجبهة التحرير الثائرة واكتوى بنارها البسطاء من أبناء المنطقة ولأن للتاريخ عدالة كانت نهاية العديد من قادة تلك المليشيات والفاعلين فيها على تراب المنطقة بل وبأيدي أبناءها (7).
فبهذه المناسبة العظيمة المصادفة لاندلاع الثورة الجزائرية الخالدة علينا نحن أبناء هذا العرش الكريم المجاهد المؤمن المحب…..أن نقف وقفة مصالحة مع تاريخنا الناصع الذي شوهه قبل أي شيئ عدم ثقتنا في أنفسنا وماضينا والروح الانهزامية التي طبعت نفسيتنا وعدم معرفتنا لحقائق الأمور التي سادت خلال مسار الثورة ومابعدها والتي شابها الغموض وروح الانتقام والتسلط والجهوية في الكثير من الأحيان.
فرحم الله شهداء عرش أولاد سيدي عامر وشهداء الجزائر الأبرار وحفظ المنطقة والجزائر من كل سوء إنه ولي ذلك والقادر عليه.
—————————————
(1)أنظر كتابات أستاذنا عبد الحفيظ سلمي في هذا الشأن.
(2) أنظر أسماء بعض الشهداء المسجلة في مقام الشهيد ببلدية سيدي عامر.
(3)تتناقل العديد من الروايات الشفوية أسماء مجاهدين من أبناء العرش رفضوا رفضا تاما تقديم وثائقهم التي تثبت جهادهم .
(4)معركة كبيرة وقعت بين جيش القائد سي دقمان وجيش الاحتلال الفرنسي يوم 26 مارس 1959 قتل فيها العشرات من جنود العدو.
(5) يعد تحمس أولاد عامر لمصالي الحاج وتعصبهم له في البداية دليلا تاريخيا قويا على سبقهم النضالي حيث يعد مصالي الحاج زعيما للتيار الاستقلالي الذي نادى بالانفصال عن فرنسا منذ تأسيس حزب نجم شمال إفريقيا سنة 1927 بفرنسا والذي انخرط فيه عمال مهاجرون من المنطقة في فرنسا ومن بعده حزب الشعب الجزائري ppa المؤسس سنة 1937 .
(6)كان جميع قادة الميليشيات المناوئة للثورة والناشطة بالمنطقة من خارجها وكان أبناء المنطقة يسمونهم “جيش الكسرة” كناية على انهم مرتزقة.
(7)مثل مقتل “بلونيس” على يد أحد أبناء المنطقة.

بقلم الدكتور حمزة عيجولي

About Author

%d مدونون معجبون بهذه: