الرئيسية 8 حقيبة بوسعادة السعيدة 8 فيسبوكيات بوسعادية 8 وداعاً شيخنا أحمد القاسمي الحسني…

وداعاً شيخنا أحمد القاسمي الحسني…

 

(كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) سورة آل عمران الآية 185…

في هذا اليوم العظيم من أيام الله العظيمة عيد الأضحى المبارك ، ودَعت بوسعادة والجزائر قاطبة الداعية الشيخ الحاج حافظ أحمد الحسني القاسمي حيث وُري الثرى بمقبرة الهامل بعد أن وافته المنية بفرنسا الثلاثاء الفارط، ورحل العالم الجليل بعد سنتين من المعاناة مع المرض إلى أن أفضت روحه الطاهرة إلى بارئها فرحل عن عمر ناهز 58 سنة.

إننا نقضي عيداً ليس مثل سابقيه من الأعياد، كم هو حزين هذا العيد الذي غاب فيه الكثير من الأحبة والأصدقاء الذين انتقلوا إلى الدار الآخرة، وكم أفجعنا وآلمنا وأبكانا وأحزننا رحيل العالم الفذ الشيخ الحاج حافظ أحمد الحسني القاسمي الذي عرفانه بغزارة العلم وفصاحة اللسان، فكان صادحاً بقول كلمة الحق دون أن يخشى في الله لومة لائم.
الموت حق علينا جميعاً، ورحيل الشيخ أحمد القاسمي أفجعنا جميعاً وإننا لنبكي فقداننا كفيل الأيتام ومُعين الفقراء والمعوزين والأرامل ونصيح الناس وناصر الحق ونصير المحقورين والمقهورين والساعي في حوائج المحتاجين ومن كان لا يرد قاصديه ومن كانت تهُون عليه نفسه أمام حاجة المحتاجين ممن تضيق بهم السبل، كان رائد العمل الخيري فأسس “جمعية كافل لرعاية الأيتام والأرامل” متصدرة العمل الخيري على مدار السنة ولسنوات طويلة فكان ومن معه في الجمعية مُعين الآلاف من الأيتام والفقراء والأرامل والمعوزين، وكان الشيخ أحمد القاسمي في طليعة المبادرين والساعين في كل المبادرات الخيرية…

لقد رحل كفيل الأيتام والأرامل ومعين الفقراء والمعوزين وهو لا يملك سكن خاص به، فكان مقيماً بالسكن الوظيفي التابع للمسجد الكبير “البشير الإبراهيمي” فقد آثر على نفسه الإنفاق على من بهم حاجة منتهجاً نهج الصالحين، وإن أمثال الشيخ حافظ أحمد القاسمي الحسني قلة في هذا الزمن، فكان الفقيد من زمن الصالحين…

كشف لي أحد المقربين من الراحل أن أحد الذين أنعم الله عليهم بالخير كلما يقُدم له مبلغاً من المال لإعانته، يكتشف أنه يقوم بإنفاق ذلك المبلغ على المحتاجين كاملاً غير منقوص.
وكشف لي أحد أصدقائي التقى الشيخ أحمد القاسمي في البقاع المقدسة بمناسبة أداء مناسك الحج قبل عدة سنوات بأنه كان دليل من لا دليل له، لا يكل ولا يمل في تقديم العون لحجاج بيت الله، وفي كل مرة يُقيم حلقات صغيرة يُقدم فيها مواعظ ليفيد من معه، ويحضرها حجاج جزائريون وعرب ومن جنسيات أخرى ومن شدة إبهاره لمستمعيه كانوا يسألون من أي بلد هذا العالم الفذ فيقال لهم بأنه من الجزائر فكان الانبهار به فخراً للجزائرين والجزائر…

ومصادقاً لقوله تعالى في محكم تنزيله:
(مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللهِ وَلَكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُون) آل عمران الآية:79
فقد كان الشيخ الحافظ أحمد الحسني القاسمي عالماً ربانياً
– فكان على ما كان عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في العقيدة، والعبادة، والأدب، والسلوك.
– فعمل على الاشتغال بالعلم الشرعي، والحرص على تحصيله وتلقيه من المشايخ الأكفاء
– وكان حريصاً على الصدق، والإخلاص، والتجرّد لله عز وجل يخشاه ويخافه.
– عمل على تعليم الناس وإرشادهم والتدرّج في ذلك من صغار العلم إلى كباره فكان بذلك من الراسخين في العلم.
– وفي مخالطة الناس، كان يصبر على تعليمهم وإرشادهم، وما يصدر منهم.
– كان متواضعا، ولين الجانب ومن أهل الإنصاف، رجوعا للحق
وناصحاً لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم وعاملا على تزكية النفس
– كان ملتزماً بالهدي والسمت الصالح متصدّراً وقائداً يتجنّب المراء، والجدل، والخصومات، والتباغض…

دخل الشيخ الحافظ أحمد الحسني القاسمي حقل الدعوة الإسلامية صغيراً في السن نهاية السبعينات مع العديد من أقرانه من بينهم الوزير الحالي للشؤون الدينية الدكتور يوسف بن مهدي، وغيرهم من أعلام بوسعادة و علمائها،
ومنذ بداياته الأولى برع الشيخ الحافظ أحمد الحسني القاسمي، فكانت بدايته كمتطوع بمسجد “بلحطاب” فأصبح المسجد المذكور مقصد الصغار والكبار من المتحمسين لنهج الدعوة الإسلامية، ثم تحول فيما بعد ليكون إماماً خطيبا بالمسجد الكبير “البشير الإبراهيمي” بعد افتتاحه فاستقطب إليه أعداد هائلة أصبحت ترتاد المسجد الذي بقي فيه إلى أن مرض قبل سنتين…

ومن شدة حبه لبوسعادة وأهلها رفض عروضاً عديدة وصلته ليُدرسَ بمساجد في العاصمة ومنها اقتراحه للتدريس بالمسجد الأعظم بعد افتتاحه إلا أنه رفض الاقتراح ورفض مناصب عليا لا ترفض في وقتنا هذا وهناك من يعمل كل شيء ليصل إليها، لكن الشيخ الحافظ أحمد الحسني القاسمي الزاهد في الدنيا والسالك طريق الدعوة والعمل الخيري لم تغره المناصب لا المكاسب وأبى إلا أن يترك مدينة بوسعادة التي تربى وترعرع فيها مفضلاً أن يفيد مدينة العلم والعلماء وأهلها بعلمه الغزير…

عن أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له)
المرحوم بإذن الله لن ينقطع علمه بإذن الله فقد عمل طيلة حياته على نشر العلم النافع ويشهد على ذلك كل من كانوا يؤدون الصلوات بالمسجد الكبير البشير الإبراهيمي بمدينة بوسعادة فقد ساهم في إعادة الكثير صغارا وكبارا إلى طريق الهدى…
وسخر المرحوم حياته لفعل الخير فترك خيراً وفيراً من الصدقات الجاريات إلى يوم الدين من الآلاف الذين أدخل الفرحة في نفوسهم وفرج من همومهم.
وأخيراً ترك شيخنا أبناء رباهم تربية صالحة سيكون منهم خير خلف لخير رجل ترك أثراً طيباً. وهو يودع هذه الدنيا طلب السماح من زوجته لأنه شعر بأنه أتعبها في فترة مرضه.

الراحل أحمد القاسمي الحسني عندما كان يهم بمغادرة البلاد في رحلته الأخيرة إلى الخارج للعلاج أوصى بالجزائر خيراً داعياً الله أن يحفظها من الفتن ما ظهر منها وما بطن…

اللهم إنه في ذمتك وحبل جوارك فقه من فتنة القبر وعذاب النار وأنت أهل الوفاء والحق فاغفر له و ارحمه إنك أنت الغفور الرحيم اللهم أظله تحت عرشك يوم لا ظل إلا ظلك ولا باقي إلا وجهك ،
اللهم بيض وجهه يوم تبيض الوجوه و تسود وجوه اللهم ارفع درجته في المهديين واخلفه في عقبة الغابرين و اغفر لنا وله يالله و أفسح له في قبره و نوَر له فيه اللهم أبدله دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من أهله و أدخله الجنة و أعذه من عذاب القبر ومن عذاب النار
اللهم أبدله داراً خيراً من داره و أهلاً خيراً من أهله و ذرية خيراً من ذريته و زوجاً خيراً من زوجه اللهم اسقه من حوض نبيك محمد صلى الله عليه وسلم شربه هنيئة مريئه لا يظمأ بعدها أبدا
اللهم ارحم روحاً صعدت إليك و لم يعد بيننا و بينها إلا الدعاء
اللهم انقله من ضيق اللحود ومن مراتع الدود إلى جناتك جنات الخلود اللهم اجعل قبره روضه من رياض الجنة لا حفره من حفر النار اللهم أنزل نوراً من نورك عليه اللهم نور له قبره و آنس وحشته ووسع مدخله اللهم ارحم غربته و ارحم شيبته اللهم و ثبت قدمه يوم تزل فيه الأقدام

ابراهيم بن تومي

About Author

%d مدونون معجبون بهذه: