ماذا تمثل مدينة بوسعادة بالنسبة لي؟ فضلا عن كونها المدينة التي درست بها في ثانوية أبي مزراق، ولأنني اضطررت لمزاولة تعليمي بها اضطرارا وليس اختيارا فإن علاقتي بها كانت متوترة، لكنها صبرت عليّ وتحملتني حتى نلت منها بغيتي بحصولي على شهادة الباكالوريا، فعلاقتي ببوسعادة كانت مثل علاقة رجل بامرأة هادئة ذات وقار أخفى عليه وقدرها سحر جمالها، مثل ذلك النوع من الرجال الذين ينبهون بالجمال الصارخ ويعشقون حياة الصخب إلى حد الفوضى والتهور، فكان يستعمل كل طرق الاستفزاز ليوتر أعصابها وينرفزها ليغضبها فتنفجر حمم بركان غضبها وقهرها في وجهه، ليتخذها ذريعة للتخلص منها ليداري به ظلمه لها واعتدائه عليها لأنه يعترف بذلك في قرارة نفسه ولكنها بحكمتها الت استمدته من صبرها وهدوئها تمكنت من احتواء طيشه بل احتلال قلبة وكسب محبته،، فما ان حلت ساعة الحيل التي كانت لابد منها وهو يعقد أمه قد يجد أفضل منها في الدينة الكبيرة التي بهرته بأضوائها وصخبها وفوضاها حتى افتقدها رغم بحثه المستر في المينة الكبير عن بديلها التي تعوضه عنها لكنه في النهاية أدرك استحالة العثور عنها، وأدرك أن الله خلق البشر مختلفين رغم وجود بعض التشابه بينهم، لكن هذا التشابه لا يصل حد التطابق، فكل إنسا خلقه الله هو علم قائم بذاته ولا يشبه احدا من غيره من البشر، هكذا بعد التعب من البحث أدركت في الأخير ان المدينة الكبيرة بكل ما فيها من مغريات لم تستطع تعويض مدينة بوسعادة، ولم تمحو ذكرياتي وحبي لها، وتيقنت أنه لا يعوض مدينة بو سعادة إلا بوسعادة نفسها، فلمدينة مثل المرأة عند العشق لا تعوضها امرأة أخرى