استضاف يوم أمس السبت 28 سبتمبر 2024 مركب الجهاد بالهامل بالتنسيق مع جمعية بوسعادة الكبرى ندوة تاريخية حول واحدة من أهم المحطات في تاريخ المقااااومة الشعبية بمنطقة الحضنة وبوسعادة، وهي انتفاااضة درمل 1864. كانت هذه الندوة بمثابة استحضار للروح الوطنية وتخليدًا للتضحيات التي قدمها الجزائريون في سبيل تحرير أرضهم من الاستدمار الفرنسي.
البداية: استحضار الذاكرة الوطنية
الندوة نشطها الأستاذ العلواني محمد ، وافتتحت أشغالها بتلاوة سورة الفاتحة من طرف الشيخ الدكتور عز الدين عبد الدائم. بعد ذلك عزف النشيد الوطني “قسماً” الذي دوى في القاعة وأعاد للحاضرين الشعور بالانتماء والاعتزاز بتاريخهم.
ألقى المجاهد عبد الدائم عبد الدائم، مدير المتحف، كلمة افتتاحية رحب فيها بالضيوف والمشاركين، مؤكدًا على أهمية مثل هذه الندوات في إحياء الذاكرة التاريخية وترسيخ القيم النضالية في الأجيال الصاعدة.
أوراق بحثية معمقة: قراءة جديدة للتاريخ
انطلقت أشغال الندوة بعد الكلمة الافتتاحية، حيث قدمت أربع أوراق بحثية تناولت الانتفاااضة من زوايا مختلفة، مسلطة الضوء على الجوانب التاريخية والسياسية والاجتماعية.
الورقة الأولى قدمها الأستاذ محمد بسكر ، بعنوان “ملامح من ثوورة ابن شبيرة سنة 1849 وتداعياتها”، تناول فيها التعريف بشخصية الشريف ابن شبيرة، وعلاقة ثووورته بمقااااومة الزعاطشة وتطوراتها وتداعياتها الاجتماعية و الاقتصادية والسياسية.
في الورقة الثانية، تناول الدكتور كمال بيرم Kamel Birem موضوع “أسباب انتفاااضة درمل”، وقدّم وثائق أرشيفية حول المحاكمات التي عقدت بعد الانتفاااضة والتي تؤكد أن الحاج محمد المقراني كان المحرك الأساسي لهذه الانتفاااضة. بيرم استعرض هذه الوثائق بعمق، مشيرًا إلى أن الانتفاااضة لم تكن مجرد حدث عرضي، بل كانت مخططًا مدروسًا لمواجهة السياسات الاستعمارية القمعية التي هدفت إلى تفتيت القبائل وسلب أراضيهم.
الورقة الثالثة جاءت من الدكتور خميسي سعدي Khemissi Saadi بعنوان “تطورات انتفاااضة درمل”، حيث تناول فيها التفاصيل الدقيقة لتصاعد الأحداث من بدايتها حتى قمعها، مستعرضًا المعارك الرئيسية وتكتيكات القبائل في التصدي للجيش الفرنسي.
الورقة الرابعة قدمها الأستاذ سعيد النعمي بعنوان “نتائج وتداعيات انتفاااضة درمل”، تناول فيها النتائج والتداعيات السياسية والاجتماعية والاقتصادية للانتفاضة. شرح النعمي كيف أن هذه الانتفاااضة أدت إلى تغييرات جذرية في طبيعة العلاقات بين القبائل والإدارة الاستعمارية، وساهمت في تعزيز الهوية الوطنية الجزائرية التي ترسخت لاحقًا في انتفااااضة المقراني و الشيخ الحداد سنة 1871.
النقاش والإثراء: تسليط الضوء على التفاصيل المخفية
بعد استعراض الأوراق البحثية، تم فتح باب النقاش، حيث شهدت الندوة تدخلات وإضافات قيمة من الحضور:
الدكتور الطيب Elbahi Tayeb Ben Attia، الأستاذ ناصر لمجد Nacer Lamdjed . ولإضافة لمسة فنية إلى الحدث، ألقى الشاعر عمران بوضياف قصيدة شعرية خصصها لتمجيد انتفاضة درمل، مما أضفى على الندوة طابعًا وجدانيًا وعاطفيًا.
شهد النقاش أيضًا تدخلات من الدكتور احمد ارفيس ، والمجاهد الكبير جمعي بن بوذينة، والأستاذ عبد الحفيظ بودور أبو ماجد بالإضافة إلى الأستاذ رابح طويري والأستاذ هواري محمد Haouari Mohamed Ahmed ، والأستاذ هزرشي جلول .
الختام: تكريم الأبطال والعودة إلى الجذور
في ختام الندوة، تم تكريم الأساتذة المحاضرين الذين شاركوا في إثراء النقاش التاريخي، وذلك في لفتة تقدير لجهودهم في إحياء الذاكرة الوطنية.
كما قام الشيخ حمزة دحية بتلاوة دعاء ختامي، مُستلهمًا من روح المناسبة الدعاء للشهداء الذين دفعوا ثمن الحرية بدمائهم.
الخاتمة: استمرار النضال في الذاكرة الجماعية
هذه الندوة كانت استذكارًا حيًا للبطولات الجزائرية في مواجهة الاستدمار الفرنسي. من خلال تسليط الضوء على انتفااااضة درمل 1864، تم تعزيز الشعور بالفخر والاعتزاز بتاريخ الجزائر الطويل في المقاااومة. كانت الندوة فرصة لتبادل الأفكار والمعرفة بين المؤرخين والمجاااهدين، وتأملًا في تاريخ يمتلئ بالتضحيات والعزيمة.
في النهاية، عبّر الحضور عن شكرهم وامتنانهم لكل من ساهم في تنظيم هذه الندوة، خاصة المجاااهد الكبير عبد الدايم والأستاذين القديرين محمد العلواني وناصر لمجد ، الذين بذلوا جهودًا كبيرة لإنجاح هذا الحدث الذي يخلّد ذكرى مجد الجزائر وشهدااائها الأبرار.
كتبه : سعيد النعمي