بمناسبة الذكرى 70 لاستئناف الكفاح المسلح يوم 1 نوفمبر 1954 ، نطل عليكم بنبذة مختصرة عن أحد أبطال الثورة التحريرية بمنطقة بوسعادة، إنه الشهيييد البطل :
سعيدي العيد (1895-1957)
ولد الشهيد سعيدي العيد سنة 1895 بدوار تامسة، التابعة حاليا لدائرة سيدي عامر ولاية بوسعادة. نشأ في أسرة غنية تمارس النشاط الفلاحي وتربية المواشي، وكان لهذه البيئة الريفية أثر كبير في تكوين شخصيته. فمنذ صغره أظهر روح المبادرة والقيادة، مما جعله يبرز في مجتمعه كمثال يحتذى به.
بدأ نضاله السياسي سنة 1947 مع حزب الشعب الجزائري بقيادة الزعيم الوطني مصالي الحاج. كان هذا الحزب يمثل الطليعة الوطنية التي تسعى لتحرير الجزائر من الاستعمار الفرنسي، وقد انخرط سعيدي العيد في صفوفه بفضل مكانته الاجتماعية وصفاته القيادية.
مع اندلاع الثورة التحريرية في الأول من نوفمبر 1954، كان سعيدي العيد من أوائل المنخرطين في صفوفها. اتصل بشكل مباشر بالقائد الشهيد زيان عاشور، الذي كان يشرف على تنظيم الثورة في المنطقة. أسند إليه زيان عاشور مهمة جمع المال والسلاح والمؤونة من سكان أولاد عامر، وكان ينقل هذه الموارد بانتظام إلى القائد عاشور. لم تقتصر مهمته على الدعم اللوجستي فقط، بل كُلِّف بتشكيل ورئاسة لجنة تامسة، التي كانت من أوائل اللجان الثورية التي شكلها الشيخ زيان عاشور والتي تتكون من :
– رئيس اللجنة الشهيد سعيدي العيد .
– طيبي محمد.
– عبد اللطيف إبراهيم بن حيدش.
– سعيداني رابح.
– لخضر بوقاف.
هذه اللجنة كانت المسؤولة عن تنظيم النشاطات الثورية في المنطقة.
بعد استشهاد القائد زيان عاشور، واصل الشهيد سعيدي العيد مهامه الجهادية. وكان له دور كبير في دعم وتموين العمليات الثورية، ومواجهة الحركات المناوئة للثورة.
لم يكن الشهيد سعيدي العيد مجرد مجاهد عادي؛ فقد تميز بثروته وغناه اللذين لعبا دوراً محورياً في مساره النضالي ودعمه للثورة بمنطقة بوسعادة ، تمكن سعيدي العيد من توفير الدعم المالي الضروري للحركة الثورية. لقد استخدم جزءاً كبيراً من أمواله الشخصية لشراء الأسلحة، والذخيرة، وتوفير المؤن للثوار. هذا التمويل كان حيوياً لضمان استمرارية العمليات الثورية، خاصة في المراحل الأولى من الثورة عندما كانت الموارد شحيحة.
كما كان سعيدي العيد يمتلك شبكة واسعة من العلاقات التجارية التي ساعدته في تأمين الإمدادات للثوار. استغل نفوذه التجاري لضمان وصول المؤن والأسلحة إلى المناطق الريفية والنائية، حيث كانت تتركز العمليات الثورية.
كما استغل سعيدي العيد ثروته أيضًا لدعم عائلات الثوار والفقراء، فقد قدم المساعدات المالية والمادية للأسر التي فقدت معيلها أو التي تضررت بسبب ممارسات الاحتلال. هذا الدعم كان له دور كبير في الحفاظ على الروح المعنوية للمقاتلين، حيث كان يعلمون أن عائلاتهم تتلقى الدعم والمساندة.
هذا الدور المحوري لسعيدي العيد جعله هدفاً رئيسياً لقوات الخائن بلونيس، التي كانت تسعى لإخماد الثورة بكل الوسائل.
ففي يوم 12 جويلية 1957، قامت قوات الخائن بلونيس باغتياله بالقرب من مقر سكناه في حاسي بير ماجد بتامسة. كان هذا الاغتيال نتيجة مباشرة لدوره الكبير والمحوري في تنظيم وتوجيه الثوورة في المنطقة. استشهد سعيدي العيد وهو في الثانية والستين من عمره، تاركاً خلفه زوجة وخمسة أولاد، بالإضافة إلى إرث نضالي وثوري عظيم.
عرفانًا بتضحيات الشهيييد سعيدي العيد وجهاده ونضاله من أجل حرية الجزائر، تم إطلاق اسمه على متوسطة ببلدية تامسة. يُعد هذا التكريم رمزًا للاعتراف بمساهمته البارزة في الكفاح ضد الاستدمار الفرنسي، وهو يعكس التقدير العميق الذي يكنه المجتمع لتضحياته الجسام.
المجد والخلود لشهدااائنا الأبرار.
كتبه: سعيد النعمي.