تزخز، عاصمة الحضنة ، بالعديد من المعالم الاثرية التي كانت ولا زالت تصنع بريق السياحة بالمسيلة ومدينة بوسعادة وعديد المناطق التي أضحت مزارا العديد من السواح الأجانب في السنوات الاخيرة لما تزخز به من كنوز أثرية منتشرة بالعديد من المدن الدفينة على غرار الڤاهرة، والمدينة القديمة لبوسعادة وبشيلقة التي ماتزال شاهدة على تعاقب الحضارة والتنوع الحضاري .
تروي، العديد من المدن التاريخية الدفينة التي إندثر الجزء الأكبر منها بسبب عوامل الحت وتدخل بني البشر فيها خاصة أولئك الباحثون عن الكنوز الاثرية المدفونة، العديد من الحقبة التاريخية التي تؤسس للعديد من الحضارات التي تعاقبة على منطقة الحضنة.
المدينة الدفينة” الڤاهرة “
يروي، المعلم الأثري المدينة الدفينة أو ما يطلق عليه الڤاهرة ، حقبة من الأزمنة الغابرة التي تعود إلى العهد العثماني، إلا أن هذا المعلم غير معروف إلا للقلة القليلة من الناس بحكم أنه يقع في منطقة نائية وبالضبط ببلدية واد الشعير بمنطقة بوملال على بعد 02 كلم بمساحة تقدر ب08 كلم، بها قنوات تمتد على مسافة 08 كلم إنطلاقا من مرزاز الى الڤاهرة ،و تعود هته القنوات إلى العهد العثماني أين تم اكتشاف هذا الموقع من خلال أعمال تنقيب خلال فترة المستعمر إلا أنه اليوم يزورها إلا القلة القليلة من السياح الذين هم مطلعين على الموقع سابقا والباحثين في مجال الاثار .
بحسب الباحث في تاريخ بوسعادة وصاحب كتاب “بوسعادة ، سياحة ،ثقافة وتاريخ” السعيد حبيشي”فان منطقة بوسعادة زاخرة بالأثار القديمة الدالة عن مدن وسكان مروا بها وسكنوها لزمن طويل ويتجلى ذلك في المسجد العتيق (سيدي ثامر) الذي بني على أثار رومانية بالاضافة الى الحي المحيط به الذي هو الاخر كل أساسات المنازل مصنوعة من الحجارة الكبيرة المنحوتة احيانا وهو ما تم إكتشافه مؤخرا بعد سقوط بعض المنازل القديمة التي كانت لها علاقة ببعض المعسكرات الرومانية التي كانت بالمنطقة.
أشار” حبيشي” الى أن بعض النصوص التاريخية اعتبرت أن المكان كان لمعسكر روماني متقدم يسمى ( بوفادا ) وكما أن للمكان علاقات بمعسكرات رومانية أخرى بالمنطقة خاصة وأنه يقرب منها قمة هضبة (قلعة ذياب) ببلدية “اولاد سيدي ابراهيم”إذ تعد كشاهد من الشواهد التي بناها الرومان بنمط بسيط، نظرا لصعوبة نقل الحجارة الكبيرة وإستعمالها في البناء، و يعود تاريخ إنشائها حسب المؤرخين والباحثين في التاريخ، إلى القرن الثالث ميلادي أثناء توغل الرومان بالمناطق الداخلية، أين استعملها كحصن منيع وكشرفة مطلة على زراعتهم وكنقطة عبور بينها وبين الهضبة.
يقول ” السعيد حبيشي” أنه تمت إكتشافات أخرى للأثار الرومانية، على غرار طرق معبدة بالحجارة وبجانبها بنايات حجرية بأعالي “جبل أمساعد” أو ما يطلق عليه ( القعدة البيضاء ) وليس بعيد إلى الجنوب الشرقي توجد اثار مهمة بكثرتها ببلدية “محمد بوضياف” أو ما يطلق عليه “واد الشعير” حيث أكتشف حسبه في نهاية الستينات أحد الفرنسيين الذي كان جندي فرنسي اثناء الثورة وهو مهتم بالتراث تمثالا لإمرأة طوله أكثر من متر بالمكان المسمى اليوم بال ” ڤاهرة gahra”..ونذكر كذلك بنفس البلدية منطقة “بوفرجون” الأثرية وغيرها من المناطق الأثرية.
حسب ذات المتحدث، أن نفس الخط الممتد من عين الريش إلى مسعد بالجلفة تم ذكره ببعض النصوص التاريخية، على أن المعسكر الروماني الأبعد عن “أجميلة ” كان يسمى ” ديميدي “واليوم اصبح يسمي جبل أو حي “دمد ” بمسعد ،حيث وبعد إنتشار الاسلام وظهور الحضارة الاسلامية من الاندلس الى المشرق ( مصر- الشام – والعراق – وخاصة الى الحج بمكة) إستغلت القوافل التجارية نفس الطرق السابقة وهو نتج عنه حسب نفس المتحدث منطقة ” قمرة بعين الريش بها اثار مساكن قرب الواد نظرا لتوفر المياه به وكذا وجود مقابر قديمة جدا دليل قاطع على وجود مدن بالمنطقة.
نوه ” حبيشي” الباحث في التاريخ أنه يوجد أيضا بوادي الشعير نفس الاثار اختلطت بالأثار الرومانية وتم اكتشاف في ذات الصدد طريق قديم يمر بجبل أمساعد بمنطقة “العليق” الى بوسعادة تستعمله القوافل التجارية وكذا في عمليات الغزو والحروب، حيث طالب حبيشي من فرق علماء الاثار والتاريخ بضرورة مسح للمنطقة والحفر والتنقيب على ما بداخلها من “كنوز” لكتابة تاريخ بلادنا.
بشيلقة المدينة النائمة على كنوز واثار تاريخية
تعتبر، مدينة بشيلقة الأثرية او المعروفة سابقا بمنطقة ” زابي جسنيانه” الواقعة على تراب بلدية المطارفة بالمسيلة، عاصمة رومانية أسسها ملك روما جنسيان الأول وبإشراف قائده الجنرال سولومان وبعد أن أقاما حولها العديد من الأبراج ومراكز الحراسة في إطار خط الليمس الذي يعرف على انه أهم الأنظمة العسكرية والاقتصادية لحماية الرومان، حيث تقع زابي بالجزء الغربي من بلاد الحضنة تنتمي في معظمها إلى بلدية لمطارفة بالمسيلة و تعرف حاليا باسم بشيلقة ، حيث أشار الكاتب البزنطي بروكوب انها فيما وراء مرتفعات الأوراس موريطانيا الأولى( السطايفية ) التي كانت تحوي كل الصحراء الوسطى التي تعرف بالحضنة.
وبخصوص حدود زابي ذكرت الأستاذة “سعاد سليماني ” في دراستها أنه لم يذكر لغاية اليوم حدود وموقع زابي سوى ناقشتين بزابي مع انها كانت منطقة جد هامة في الفترة القديمة حتى النقيشة التأسيسية وجدت على بعد مسافة من زابي مضيفة اننا نجهل لغاية اليوم امتداد هته المدينة التي يقول عنها البعض انها تبعد عن المسيلة بثلاث أو خمس كيلو مترات، نظرا لشساعة المساحة التي يتم فيها العثور على الاثار وتقع في خط قلعة بني حماد التي ماتزال تقاوم الاندثار وعوامل الحت وقلة الاهتمام بها باستثناء بعض المحاولات في اعادة بريقها.
تتميز، بشيلقة بالكنوز الاثرية المادية المدفونة بها وما دل على ذلك هو العثور على العديد من البقايا المتعلقة بالتراث المادي من نقود وبقايا آثار وبتاريخ حافل ومتنوع بتنوع حضارة من تعاقبوا على الإقامة فيها انطلاقا من الرومان والبربر والوندال والبزنطيين ، بالثراء الاركولوجي وبالكثير من الكنوز الأثرية المادية المدفونة والتي غالبا ما يتم اكتشافها هنا وهناك من قبل السكان أثناء بناء سكناتهم
من بين الاكتشاقات التي تمت بالمنطقة المنطقة بنيت في العهد الروماني وتم إعادة بنائها في العهد الوندالي على يد القائد البزنطي سولومون.
تم، خلال السنوات الأخيرة فقط اكتشاف دليل مادي على أن المنطقة أثرية وهو اكتشاف والد احد اساتذة التاريخ قرابة 23 كلغ من النقود البيزنطية التي تم تسليمها للسلطات الأمنية على مستوى بلدية المطارفة، كما تم سنة 2012 اكتشاف مقبرة مسيحية تعود للحقبة الرومانية وهذا على اثر إقدام احد المقاولين على انجاز حصة 80 مسكن تساهمي، وكذا العثور على أجزاء لأعمدة تيجان والتي لم يعد لها وجود اليوم، وبعض الطرق التي تمر بها والتي واعتبرها بعض المؤرخين دالة على وجود ورشات لصناعة الفخار، وبعض الآثار على شكل مستطيل وهو يعتبر مقر زابي الموجود بكدية الرمادة تحتوي على العديد من البقايا الفخارية المتنوعة والمكونة من طبقات من الرماد الأسود والأحمر
وحسب المجلة السنوية لمعهد الآثار بجامعة الجزائر فان منطقة زابي تعتبر ضمن البلاد الواقعة فوق جبال الاوراس وتنعني حسب نفس المجلة “موريطانيا” الأولى وعاصمتها ستيفيس وقد تم إلحاقها بالإمبراطورية البيزنطية بعد غزو القائد سولومان للاوراس سنة 539 ميلادي، وفي حين تعود تسمية بشيلقة إلى الكلمة اللاتينية بازيليكا والمقصود منها حسب نفس المجلة إلى وجود بازيليكا في المنطقة حيث مرت منطقة بشيلقة او ما تعرف” بزابي “سابقا بعدة مراحل تاريخية وهذا من خلال الكتابات الليبية النوميدية.
ذكرت، بعض الكتابات التاريخية العثور بمنزل الشيخ لخضر بوجملين الكائن بالمنطقة والتي جاء فيها أن الرومان احتلوها قبل القرن الثالث وأنها كانت منطقة حدودية على الخط الدفاعي الثاني بحكم أنها تحتل وسطا جغرافيا لا يقل أهمية عن موقع طبنة، حيث اضطر الرومان في تلك الفترة إلى تعزيزات امنية كبيرة بعد تقديم خط الدفاع نحو الجنوب باتجاه جبال الحضنة، وأصبحت زابي كمدينة محصنة وباتت قاعدة لجيوش الرومان في مرحلتهم الأخيرة المتعلقة بمجابهة البربر الذين الحقوا بها الخراب والدمار من اجل الحصول على ثروات وكنوز الحضنة .
قبل أن تسقط في يد الوندال في القرن الخامس عشر وظلت تحت سلطتهم إلى غاية مجيئ البزنطيين وتحت إشراف قائدهم سولومون الذي استطاع استرجاع “زابي” او ما يعرف حاليا بشيلقة ، حيث تم بنائها من قبل جوستنبان سنة 539 و 544 قبل الميلاد من خلال إعادة بناء أسوارها وبناء العديد من المدن وعندما بلغت جيوش عقبة بن نافع منطقة زابي سنة 680 ميلادي فقد دخلوها عن طريق الصلح بحكم أن المنطقة تتمتع بمكانة سياسية هامة وتعتبر مقصد الأمراء والملوك وكانت عامرة بالروم والمسيحيين.
المدينة القديمة لبوسعادة “حي القصر “
تتوفر، مدينة بوسعادة على إمكانيات سياحية هامة جعلت منها قطبا سياحيا متنوع بتنوع النشاط السياحي المرتبط بالإرث التاريخي والطبيعي على غرار حي القصر الذي يعتبر النواة الاولى للارث التاريخي الذي يتفرع منه ،حي العشاشة ،والعرقوب، وحارة الشرفاء، ولموامين، اولاد احميدة ، والزقم ، وهذا ما أطلق عليه المدينة القديمة الموجودة قبل الدخول الفرنسي وتتوجد في شمال التجمع السكاني وهي قرية ذات طابع صحراوي بها سوق يتوافد عليه حتى أهالي القرى المجاورة لاقتناء مختلف حاجياتهم، حيث تتصف الطرق بإنحدارها من القصر لترتمي في المنظر الصخري الذي بنيت عليه البلدة ففي الأعلى تظهر مئذنة مسجد سيدي ابراهيم، اما المنازل فهي قديمة للغاية وتمنح نظرة غريبة نوعا ما خصوصا تلك التي تم تجميلها بقطع السيراميك.
يعتبر، موقعها الجغرافي مهما جدا جعل منها عاصمة تجارية صغيرة تنظم فيها المبادلات التجارية الخاصة بكل منطقة حيث كانت ملتقى العديد من قبائل البدو الرحل الذين يأتون لبيع سلعهم باعتبار كون بوسعادة اول المراكز السياحية في الجزائر، ياتي اليها السواح والكتاب بحثا عن الغرابة والالهام ومسرحا لتصوير العديد من الافلام الوطنية وحتى العالمية ،نظرا لثرائها بالاثار التاريخية وهو ما ذكره ” حبيشي في كتابه تحت عنوان ” بوسعادة “بوسعادة ، سياحة ،ثقافة وتاريخ”فقد تحدث عن أثار من بنو برزال ،الحجر المنحوت ، وانقاض البنايات القديمة ، التي يقال انه بني عليها مسجد النخلة وحي القصر لان السكان حسبه يحسنون صنعة النحت والبناء .
يذكر المؤرخون ان بوسعادة بنية على تلة غير شاهقة تميل الى مدرج نحو الواحة حيث تقع ابنية القصر في الجزء لعلوي على كتل منحوته من بقايا موقع روماني تم اقامه على حواف الصحراء لتزويد مستعمراتهم بمختلف الحاجيات حيث تعود تسمية الحي بالقصر حسب ما نشره الاستاذ محمد بسكر في موقع بوسعادة انفو ” الى اطلاق شائع على المباني الصحراوية منذ القدم كما يتواجد في محيط بوسعادة قصر الديس وقصر العليق وقصر الهامل.
ع.ن