بوسعادة Bou-saâda

بوسعادة مدينة السعادة اسم على مسمى.اقرب واحة لمدينة الجزائر،فهي لا يفصلها عن البحر الأبيض المتوسط سوى 200كلم على خط مستقيم،غنية بتاريخها تتمتع بمفاتن سياحية وبيئوية وحضارية خاصة.
تشكل بوسعادة جزءا منة الهضاب العليا الجزائرية وهي تقع على ارتفاع يبلغ560مترا بالنسبة لسطح البحر وممتد على ارتفاع يبلغ 560مترا بالنسبة لسطح البحر وتمتد على حافة سهب منخفض الحضنة.
كانت المنطقة آهلة بالسكان منذ حوالي عصور ما قبل التاريخ حيث تم العثور على العديد من الآثار التي تعود إلى العهد الديبيرومويزي،أي منذ حوالي ثمانية ألاف،أو عشرة آلاف سنة،حيث كانت المنطقة أهلة بقبائل البربر الزناتية أهمها بني برزال أو فيما عرف بالجيتول البرابرة الرحل وبعد الاستيلاء الروماني سنة149ق م عرفت المنطقة باسم “بفادة” وهو اسم لأسقف رماني إلى أن جاء المسلمون في القرن الحادي عشر و أطلقوا على بفادة اسم بوسعادة.

 

بوسعادة في العهد الإسلامي

 

بعد أن حقق المسلمون عدة انتصارات على البيزنطيين دخل العرب إفريقيا وانتشروا في أرضها وتعاقب أمراء المسلمين يفتحون مدنها و ينشرون الدين الإسلامي حتى عم الإسلام بلاد المغرب وفي هذه المرحلة بقيت بوسعادة من غير بنيان يذكر وقد ورد في كتاب تاريخ الجزائر للأستاذ”توفيق المدني”……جاء العرب الالاليون إلى أفريقا بلاد المغرب وانتشروا في القطر الجزائري واغلبهم نزل في تونس والزاب والحضنة وبوسعادة حتى جبال العمور…..وكانت بوسعادة في هذا العهد العربي يتداول حكمها بين الدولتين الأغلبية بتونس والزيانية بتلمسان وهي منزل بعض الطوائف من العرب ومنهل للصادر والوارد.
مكثت بوسعادة على تلك الحالة ردحا من الزمن إلى أن نزل بها أناس من مختلف الجهات ومنهم قبيلة البدا رنة وهم بطن من بني عوف من قبائل سليم فبنوا مداشر قبلة الوادي كما هو معروف باسمهم الآن وتملكوا بالوادي وكان تحت سلطة رجل يدعى بن وهاس كبير قبيلة البدا رنة وقد اشتراه منه سيدي سليمان وسيدي ثامر بعد بناء المسجد كما سيأتي ومنهم قبيلة الصحاري وهم بطن من بطون بني هلال بن عامر،وهكذا توارد الناس على بوسعادة أفرادا و جماعات من مختلف القبائل والنواحي وفي أزمنة متعددة.

قدوم الشيخ سيدي سليمان

 

 

 

 ومن جملة من أمها الولي الصالح المربي الشيخ سيدي سليمان بن عبد الرحمان الملقب بربيعة فنزل بالموقع المسمى الاعوينات وأسس فيه زاوية،وانتصب لتلقين الأوراد وتعليم القران و الصلاة على الجنائز وإفتاء السائلين عن ما يسالون في اموردينهم لان هذا الوطن كان وطن عرب رحالة وصحراء خالية إلا ما بناه البدا رنة وهو دشرة درمل والهامل والعليق ودشرة جبل كردادة التي فوق الاولاج بواد بوسعادة،وقرية الديس،ولما شرع سيدي سليمان في التعليم والوعظ والإرشاد ذاع صوته وأجمعت العامة على حبه واحترامه وتعظيمه.واختلف الرواة في تحديد الناحية التي قدم منها،قيل انه قدم من تافيلات،وقيل قدم من عين الريش لأنها مقر ومكان لأولاد سيدي بوزيد،وقيل قدم من ونوغة التي كان يسكنها مع أخيه احمد لسوء تفاهم وقع بين زوجتيهما فرحل،والله اعلم بحقيقة ذلك.
وعلى كل الروايات فان الشيخ سيدي سليمان معروف النسب والحسب وانه سكن بوسعادة وأقام بها زاوية وخلف فيها أولاد.

قدوم الشيخ سيدي ثامر

 

 

 

 

في حدود سنة 795ه الموافق1394م قدم على سيدي سليمان الولي الصالح الشيخ سيدي ثامربن أمحمد،وسيأتي ذكر نسبه الشريف وسبب قدومه إلى الديار ومن أي ناحية أتى لان الوقت لا يسعنا لذكر ذلك في هذه العجالة،وكان قدومه مع رفيقه فتلقاهم بالترحيب والإكرام وادخلهما إلى الزاوية فوجدا فيها سيدي دهيم و جمعا من التلاميذ فاستقبلوهم بالترحيب وأقاموا معهم،وبعد أيام سال سيدي سليمان سيدي ثامر عن سبب قدومه إلى هذه الديار فقص عليه رؤية كان رآها كما سيأتي شرحها،فأشار عليه بالمقام عنده فقبل،فعلمه ورباه،ولما كثر أتباع الشيخ وتلامذته اقترح عليهم سيدي ثامر بقوله أننا في حاجة إلى مسجد يجمعنا في الصلوات الخمس ونقيم فيه صلاة الجمعة فوافق الجميع على اقتراحه واستشاروا الشيخ سيدي سليمان فأذن لهم،فخرج سيدي ثامر و سيدي ادهيم وبعض الطلبة يرتادون موضعا لبناء المسجد فساقتهم الأقدار إلى المكان الذي به المسجد اليوم ،واختط سيدي ثامر منزلا إزاء المسجد على أنقاض قصر بفادة الذي بناه الرومان مركزا حربيا وهدمه الو ندال في غزوهم على الإمبراطورية الرومانية فعرف المسجد به و الحي كذلك،يقال مسجد القصر و حي القصر حين ذاك ،أما اليوم فيعرف بجامع النخلة أو الجامع العتيق،ثم شرعوا في بناء المسجد على نفقة سيدي ثامر ،والذي تولى البناء سيدي ادهيم لأنه كان يحسن صنعة البناء،ولما تم بناء المسجد والمنزل أقام سيدي ثامر احتفالا لتدشينه حضره كل من سيدي سليمان وسيدي ادهيم والولي الصالح سيدي عطية بن بلقا سم والولي الصالح سيدي محمد الأبيض المعروف بالطير الأبيض وكثير من أعيان القبائل النازلين بضواحي بوسعادة في ذلك العهد،ولما انتظم الحفل قام الشيخ سيدي سليمان فدعا لسيدي ثامربالبركة وقال له”جعل الله عمارة هذا البلد على يدك وبارك الله في أرزاق أولادك وجعل فيهم الدين إلى يوم الدين”
ثم قام سيدي ثامر بعده وقال”إننا أسسنا هذه البلدة على العدل و الحق فمن ظلم فيها دمره الله ولو كان من أولادي”،وقال أيضا “كل من أقام في هذه البلدة أربعين يوما ولم يعد نفسه من أهلها فهو ماثوم،وكل ساكن في هذه البلدة فهو ابن الصلب أو ابن القلب”
وأطلقوا على المدينة اسمها الأول بوسعادة،وأضافوا لها مفردة السعيدة تفاؤلا بسعادة سكانها في الحال والاستقبال.وبعد الفراغ من مراسم الحفل و التدشين خطب سيدي ثامر سيدي سليمان في ابنته فزوجه إياها وترك عندها أخاها سيدي يحيى في كفالة سيدي ثامر،ولم يقم طويلا ثم سافر إلى المشرق قاصدا بيت  الله الحرام فمات رحمه الله في الطريق إما ذهابه أو إيابه،غير انه لم يعرف بالضبط تاريخ وفاته ولا محل دفنه،أما الإشاعات التي تذكر طرابلس ومصر فهي غير صحيحة.
أما سيدي ادهيم انتقل  إلي ناحية المسيلة وسكن هناك وخلف ذرية كراما معروفون بتلك الناحية.
أما سيدي يحيى بن سيدي سليمان فانه كان في صغره يتعبد في خلوة في جبل كردادة الآن بشعبة سيدي يحيى،ولما كبر زوجه سيدي ثامر من بيت من بيوت الأشراف.
وحيث أن سيدي ثامركان رزق أولادا من زوجته كريمة الشيخ سيدي سليمان وهم “احميده وحركات وعتيق،ومنهم تفرع أولاد بوسعادة وصاروا أربعة فرق هي أولاد احميده،والقصر،والعشايشة،وأولاد عتيق،ثم بعد مدة قصيرة توسعت بوسعادة إلى سبع فرق وهم¸القصر والعشايشة وأولاد عتيق وأولاد احميدة والزغم وحارة الشرفاء والموامين.
هذا من الناحية العمرانية،أما من الناحية الاجتماعية والاقتصادية والصناعية والفلاحية والسياسية،وخاصة الناحية العلمية،فقد كان لكل فرقة مسجدا وإماما راتبا يقوم بأداء الصلوات الخمس،ويعلم مبادئ الإسلام من صلاة وصيام…….،ويعلم القران.
وكل الأئمة كانوا يدرسون في فصل الشتاء -ليلا-الفقه، كل إمام حسب ما يناسب جماعته، فمنهم من يدرس أحكام الصلاة والوضوء، ومنهم من يدرس التوحيد، ومنهم من يدرس تفسير القران العظيم، ومنهم من يدرس الفرائض…الخ.
وباختصار فان مدينة بوسعادة كانت تزخر بالعلم والمعرفة عندما كانت الأمية ضاربة أطنابها في اغلب القطر الجزائري.المدينة القديمة و البعض الأخر بالأحياء الأخرى من بوسعادة

About Author

تعليق واحد

  1. شكرا على الموضوع القيم والذى ارجعنى الى الوراء قرابة 3 عقود من الزمن حين امضيت بها حوالى 18 شهرا فى منطقة الرمانة اثناء ادائى للخدمة الوطنية دفعة 58 A بين سنتى 1978 و 1980.لقد اكتشفت يومذاك انها مدينة جميلة مظيافة وسياحية بامتياز لانى كنت قد قرات عنها فى الكتب المدرسية وقد تعرفت على طيبة اهلها. كيف لا وهى المدينة التى احبها وعشقها الفنان التشكيلى الفرنسى Etienne Dinet الذى اصيح بعد دخوله الاسلام نصرالدين دينى والذى اوصيى بدفنه بهذه المدينة التى سحرته. لقد قرن اسم الفنان باسم بوسعادة لان بينهما اكثر كم قصة. للقد اعجبت كثيرا بلوحات الفنان المعبرة عن حياة اهل بوسعادة البسيطة. لقد كنا نحسب انفسنا من اهل المدينة والله شاهد على ذلك كما قال الشيخ سيدي ثامر رحمه الله ” … كل من أقام في هذه البلدة أربعين يوما ولم يعد نفسه من أهلها فهو ماثوم، وكل ساكن في هذه البلدة فهو ابن الصلب أو ابن القلب”. لقد اعجبت كثيرا بلوحات الفنان المعبرة عن حياة اهل بوسعادة البسيطة. واطلب من اخوانى فى بوسعادة ان ينشروا لنا البعض من لوحاته الجميلة وهم مشكورين.
    فى الاخير اتمنى ان ازورها مستقبلا ان اطال الله فى اعمارنا ان شاء الله لانى اشتقت اليها كثيرا كثيرا والسلام عليكم.

اضف رد

%d مدونون معجبون بهذه: