مدينة
رياض شتوح
يستغرب كل مطلع على تاريخ مدينة بوسعادة بعد أن يتجول في أرجائها خلوها من دار للسينما أو الأوبرا أو المسرح، في مدينة فكرت فرنسا في إنشاء قرية سينمائية بها، ودرست أمريكا فكرة إنشاء ملحقة لهوليوود بها منتصف الخمسينيات من القرن الماضي.
بداية السينما في بوسعادة لم تكن حديثة عهد بل تمتد إلى العشرينيات من القرن الماضي وتحديدا العام 1923 الذي شهد تصوير أول عمل سينمائي فيها، وهو عبارة عن فيلم من نوع المغامرات إخراج ماركو دو جاستين بطولة جاستون مودو، شورا ميلينا، وفي نفس السنة تم إنجاز وثائقي من7 دقائق حول مدينة الواحات من إنتاج فرنسي وإخراج ريني مورو، وفي عام 1934صور فيلم تارتاران دو تاراسون 95 دقيقة كلاسيكي بطولة ريمو، فرناند شاربان إخراج ريموند برنار، كما كان الإنجليز حاضرين في مدينة الواحات من خلال فيلم جنوب الجزائر مغامرات إخراج جاك لي بطولة شارلز جولدن، إريك بورتمان الذي صور ببوسعادة عام 1953.
معلومة أخرى يجهلها أغلب محبي السينما وهي أن المخرج السوري المرحوم مصطفى العقاد، كان سيصور الفيلم الإسلامي الشهير”الرسالة” بمدينة بوسعادة بأم لسانه في تصريح له لمجلة نصف الدنيا العدد 10 من الاثنين 5 إلى الأحد 10 ديسمبر عام 1994، التي عنونت الحوار بعبارة “مصطفى العقاد يخص نصف الدنيا بحوار: “أعجبتني مدينة بوسعادة ووددت التصوير فيها” ومما ذكره العقاد في صلب الحوار “… عندما كان فيلم الرسالة في طور المشروع زرت الجزائر بصدد اختيار أماكن التصوير، وتجولت في منطقة بوسعادة وأعجبتني المناظر..”، لكن الفكرة لم يكتب لها النجاح وحول العمل كما هو معروف إلى ليبيا، كما تشير مصادر تاريخية إلى رغبة فرنسية في إنشاء قرية سينمائية بطريق العليق، ونفس الفكرة كانت أمريكا تريد تجسيدها كملحقة لهوليوود على غرار تلك الموجودة بمنطقة الورزازات المغربية.
وصورت ببوسعادة عدة أعمال سينمائية وطنية، فسجل المخرج العالمي لخضر حمينة حضوره من خلال فيلمين هما ديسمبر، وسنوات الجمر الحائز على السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي والصورة الأخيرة الذي صور عام 1986، وصورت بالمدينة أيضا مشاهد من أفلام “ريح الجنوب، الطاكسي المخفي، عطلة المفتش الطاهر، بالإضافة إلى مسلسل السيلان لمخرجه أحمد راشدي عام 1986 وأشواك المدينة بطولة حكيم دكار وانتهاء بآخر فيلم كريم بلقاسم، الذي تم تصويره ديسمبر الماضي والقائمة طويلة، كان آخرها مشاهد من فيلم يجسد شخصية الشهيد كريم بلقاسم للمخرج أحمد راشدي، ورغم هذه الترسانة من الأفلام والذوق الفني الرفيع للمواطن البوسعادي، إلا أن المدينة لا تزال بدون أي دار للسينما أو المسرح أو الأوبرا، وهي التي كان سكانها ينتظرون معهدا للمسرح أو قرية سينمائية صغيرة، في مدينة يعايش سكانها الملل والضجر.