في قلب بوسعادة، عروس السياحة الجزائرية، يقف المسجد العتيق شامخًا منذ أكثر من ستة قرون، كأحد أقدم وأهم المعالم الدينية والتاريخية في المنطقة. يُعرف بعدة أسماء، منها مسجد النخلة، مسجد القصر، ومسجد سيدي ثامر، وكل اسم يحمل في طياته جزءًا من حكايته العريقة.
بُني المسجد عام 1394م على يد سيدي سليمان بن ربيعة الشريف البوزيدي وسيدي محمد بن ثامر، ليكون منارة للعلم والدين، ومركزًا لنشر تعاليم الإسلام في بوسعادة. يتميز بتصميمه المعماري الإسلامي الأصيل، حيث أبدع البنّاءون في تشييده باستخدام الحجارة، أخشاب الزيتون والنخيل، الطوب، والعرعار، مما منحه قوة ومتانة عبر الزمن.
لا يقتصر دور المسجد على كونه صرحًا دينيًا فقط، بل لعب دورًا محوريًا في ثورة التحرير الجزائرية، حيث كان ملجأً للثوار، ومركزًا لنشر الوعي الوطني، مما دفع السلطات الجزائرية إلى تصنيفه كمعلم وطني وتاريخي عام 1993، كما أدرجته اليونسكو ضمن قائمة المعالم الأثرية الإسلامية المهمة.
عند دخول المسجد، تأخذك روائح البخور، وصوت تلاوة القرآن في رحلة روحانية تبعث السكينة في النفس، ويضم بين جدرانه رفات الش..هيد العمري بن الشيهب ووالده، ليبقى شاهدًا على تضحيات الأبطال.
المسجد العتيق ليس مجرد مكان للعبادة، بل هو ذاكرة تاريخية وروحانية تحفظ هوية بوسعادة وأصالتها، وتجعلها وجهة لا تُفوّت لعشاق التراث والتاريخ.
ياسين مبروكي