لطيفة
يذكر الأستاذ عبد القادر بن رعاد مفتش مديرية التربية (رحمه الله)، أنّه لما كان طالبا بالمدرسة الثعالبية بالجزائر العاصمة، وهي مدرسة معروفة بشهرة أساتذتها ومستواها العلمي الكبير، كلّفه أساتذة اللغة بتقديم بحث في( لو، ولولا)، من ناحية المعنى والإعراب، فاستنجد بالعلّامة الشيخ الربيع بن عطية، فأعطاه الجواب باقتضاب، وهو كما يلي:
لو: حرف شرط غير جاز، يفيد امتناع الجواب لامتناع الشرط، فإذن هي حرف امتناع، مثال ذلك﴿ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾، ويقصد بهما السموات والأرض، ومعنى ذلك أنّ الفساد متوقف على تعدد الآلهة، وبما أنّ تعدد الآلهة ممتنع بل مستحيل لم يقع الفساد، فالمدير لهذا الكون هو الله وحده، وان شئت قلت إن الجملة الأولى شرطية والجملة الثانية الجواب والجزاء، وبما أنّ الشرط لم يقع أدى إلى امتناع وقوع الجواب. لولا: حرف امتناع لوجود أي امتناع الجواب لوجود الشرط، مثال ذلك: لولا الإسلام لعمّ الفساد في الأرض، فوجود الإسلام منع من وجود الفساد في الأرض، فوجود الإسلام منع من وجود الفساد على وجه الأرض التي فيها الإسلام، وتكون جملة الشرط اسمية، لولا الإسلام: الإسلام مبتدأ وخبره محذوف تقديره موجود، وجملة الجواب فعلية، وهي لعمّ الفساد، ويجوز اقتران الجملة الفعلية بلام.
وقد يكون معنى لولا: هلا، مثال قوله تعالى﴿فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾، وقوله﴿لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ﴾، ومعناها هنا التحضيض، وعلى كل حال (فلو ولولا ولوما) حروف شرطية غير جازمة [ انتهى جواب الشيخ الربيع بن عطية حرزلي].
ولما رجع الأستاذ ابن رعاد بالإجابة إلى مشايخ المدرسة الثعالبية، واطّلعوا على بحثه وكلام الشيخ الربيع الذي أملاه عليه ارتجالا دون سند من كتب النحو، قالوا: إنّ صاحبكم هذا حافظ لشروح ألفية ابن مالك، ومدينتكم بوسعادة هي حقا مدينة العلم والعلماء .
