الرئيسية 8 حقيبة بوسعادة السعيدة 8 بوسعادة السعيدة 8 صوت النخيل… بوسعادة تحكي نفسها

صوت النخيل… بوسعادة تحكي نفسها

الذاكرة الشعبية من الأمثال والحكايات إلى أغاني الواحة

في قلب الواحة السهبية، حيث يتعانق ظل النخيل مع نسيم الوادي، ما زالت بوسعادة تهمس بأصوات أجيالها الماضية، وتروي لنا – من خلال التراث الشفوي – تفاصيل يومياتها، أفراحها، وأحزانها. إنها مدينة لا تسكن فقط في الحجر، بل في الحكاية، والمثل، والأغنية التي تتردد على ألسنة الجدّات وسواعد الفلّاحين.

1. حكايات الجدّات… بين الحقيقة والأسطورة

لطالما شكّلت الحكايات الشعبية في بوسعادة مادة دسمة للخيال الجماعي، تسردها الجدّات في ليالي الشتاء حول “الكانون”، ومن بينها:

قصة “العجوز والنخلة”: يُحكى أن امرأة طاعنة في السنّ رفضت مغادرة بستانها رغم الجفاف، فدعَت الله أن يخلّدها، فتحوّلت – كما تقول الأسطورة – إلى نخلة شامخة على ضفة الوادي.

أسطورة “النسر الذهبي في جبل كردادة”: مخلوق نادر لا يظهر إلا في أيام الجفاف القاتل، ويرتبط ظهوره بنبوءة الخير أو الحروب.

2. الأمثال الشعبية… حكمة الواحة المتوارثة

تجري الأمثال في بوسعادة على الألسن كما يجري الماء في الساقية. أمثالٌ تُعبّر عن خبرات الحياة، ونُطقها يُعد دليلاً على الأصالة والانتماء:

“ما يحرث الأرض غير عجالها”
(المعنى: لا يُصلح الأرض إلا أهلها وأصحابها الحقيقيون)

“اللي طاح في الما، ما يهاب البلل”
(المعنى: من جرّب المصيبة لا يخشى تكرارها)

“الكرم في الدم ماشي في الخرج”
(المعنى: الكرم طبعٌ داخلي لا مظاهر خارجية)

3. أغاني الواحة… أنغام الروح الجماعية

في الأعراس، وفي موسِم “التويزة”، وفي احتفالات المولد، يُغنّي البوسعاديون أغانيَ تتوارثها الأجيال:

أغاني الأعراس التقليدية
مثل: “ديري يا العروسة فستانك… وخلي الزغاريد تسبقك”

أهازيج الختان
“جابو السكاكين.. ودارو الطواف، يزغردو عليه لميمة”

أغاني العمل الفلاحي والتويزة
حيث تُضرب الطبول ويُردَّد: “يا لالا يا لالا… نخلة فوق نخلة، وساقية تبان في العلالي”

هذه الأغاني لم تكن مجرّد ترف، بل كانت وسيلة لتنشيط الهمم، وتقوية أواصر التضامن الاجتماعي.

4. شخصيات خرافية في خيال الطفولة

لا يكتمل تراث أي مجتمع دون شخصيات خرافية تزرع في الصغار الرهبة والفضول معًا:

“بوحمرون”: كائن غريب مخيف يُستعمل لإخافة الأطفال إذا تأخروا في العودة ليلاً.

“لعكّابة”: عجوز عوراء تسرق الأطفال وتحبسهم في جرار الطين – شخصية رمزية لتحذير الأطفال من مغبة الابتعاد عن المنزل.

5. التراث الشفوي… هوية لا تموت

ما زال سكان بوسعادة – رغم التغيّرات المعاصرة – يتشبّثون بتراثهم الشفوي، فهو:

الوعاء الذي حفظ اللغة المحلية والمفردات السهبية الفريدة

المرآة التي تعكس القيم: الشجاعة، الكرم، الصبر، الجماعة

الوسيلة التربوية التي شكّلت سلوك الأجيال

لذلك، فالواجب اليوم هو تدوين هذا التراث، وتوثيقه، وتمريره للأجيال القادمة، حمايةً له من الضياع.

مرفقات مقترحة للموسوعة:

مقابلة صوتية مع امرأة مُسنّة تسرد إحدى الحكايات

صورة جداريّة لبوسعادة القديمة

تسجيلات صوتية لأهازيج الأعراس

مخطط إنفوغرافي يربط بين الأمثال والمواقف اليومية

خاتمة

بوسعادة لا تتكلم فقط من خلال صورها ونخيلها، بل من خلال صوتها العميق… صوت الذاكرة، صوت النخلة، وصوت الإنسان. فدعونا نكتب هذا الصوت، ونمنحه حياةً أخرى عبر الموسوعة.

عن كل الاراء تعبر عن أصحابها ولا تعبر عن موقعنا

اضف رد

جميع الحقوق محفوطة لموقع بوسعادة انفو 2009 .. 2025